1000x563 cmsv2 1750f415 38b9 5ec2 a0c2 3dfc4c8efa28 6776784 660x330 - أزمة نقص الغذاء تواصل تأجيج غضب الجزائريين

أزمة نقص الغذاء تواصل تأجيج غضب الجزائريين

للسنة الثانية على التوالي تواصل أزمة نقص المواد الغذائية الأساسية في الجزائر تأجيج غضب المواطنات والمواطنين، دون أن تتمكن الحكومة من تليين ذلك من خلال اعترافاتها بمعاناتهم وتحميلها مسؤولية ذلك النقص لجهات تضارب في الأسعار وأخرى تهرب السلع نحو الخارج، بذل الاعتراف بعجزها عن حل تلك الأزمة.

وتشهد الأسواق الجزائرية نقصا كبيرا في عدد من السلع الغذائية الأساسية على موائد الجزائريين، وفي مقدمتها الحليب والزيوت النباتية والطحين التي اختفت من رفوف محلات تجارية كثيرة خاصة بالمدن الكبيرة، حسب قناة الحرة.

ومع ارتفاع المطالب الشعبية للسلطات بالتدخل لضمان توفر المواد واسعة الاستهلاك، حسب نفس المصدر، تعزو الحكومة الجزائرية النقص الحاصل إلى “المضاربة” في الأسعار، وأنشطة تهريب السلع المدعمة إلى البلدان المجاورة، من طرف جماعات منظمة، حسب رئيس الحكومة، أيمن بن عبد الرحمان.

اعتذار وتهرب من المسؤولية

قبل أيام قليلة اعترف الوزير الأول الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، تحت قبة البرلمان، بوجود أزمة حادة في نقص مواد غذائية أساسية، وقدم اعتذاره للجزائريين خلال كلمته قائلا “أعتذر من كل رب أو ربة بيت ممن وجدوا صعوبة في العثور على بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع، وأعدهم أن الدولة ستضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه اللعب بقوت الجزائريين”. مشيرا إلى وجود أياد تحاول خلق جو من البلبلة في الشارع الجزائري، للضغط على الحكومة من أجل فتح الأبواب للاستيراد.

لكن بعد اعتذار الوزير الأول، خرج وزير العدل عبد الرشيد طبي، بتصريحات مثيرة، حمّل فيها المسؤولية إلى ما اعتبرها “جماعات تسعى إلى زعزعة استقرار المجتمع ومؤسسات الدولة” وذلك من خلال “زرع اليأس في نفوس المواطنين عبر ضرب قدرتهم الشرائية بصورة مباشرة”، مما اعتبره مراقبون محاولة للهروب من المسؤولية ومحاولة رميها على جهات “غامضة”.
“تهريب إلى دول الجوار“

وحسب قناة الحرة، أشار وزير العدل عبد الرشيد طبي إلى أن سلعا مدعمة مفقودة في الجزائر، تباع في أسواق دول مجاورة، لم يسميها، متسائلا: “كيف لمواد نجدها متوفرة في دول مجاورة وحتى في فرنسا أن تكون مفقودة داخل الجزائر وهي مواد مدعمة ومحمية بأطر قانونية منظمة؟”.

وكشف المسؤول الجزائري، حسب نفس المصدر، عن “ضبط شبكات تنشط في مجال المضاربة ولها ارتباط بأفعال تهريب تتم عبر الحدود الغربية والشرقية”، وذلك في حديثه بالتلفزيون الجزائري الخميس.

وخلال الأسابيع الأخيرة، اشتكى المستهلكون الجزائريون من النقص الحاد على مستوى سلع غذائية أساسية وتسجيل غلاء المتوفر منها، رغم أن معظمها يدخل ضمن المواد المدعمة من طرف الدولة، لتغطية الفرق بين سعرها الأصلي وسعر البيع للمواطنين.

ولفت المسؤول الجزائري إلى أن المضاربة “انتقلت حاليا إلى مرحلة أخرى تتعدى رفع الأسعار”، مشيرا إلى وجود قرائن ودلائل تدفع إلى الاعتقاد بأنها أضحت “أفعالا منظمة تهدف الى ضرب استقرار الدولة مباشرة”.

وأصدرت السلطات الجزائرية شهر مارس الماضي، قرارا يقضي بتجريم تصدير كل ما تستورده الجزائر من منتجات استهلاكية، كالسكر والعجائن، والزيت، والسميد، والقمح.

“على لائحة الإرهاب“

وأعلن المسؤول الحكومي الجزائري، عن تصنيف القضايا ذات الصلة بالمضاربة ضمن الجرائم التي ستتم معالجتها مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة”.

وفي هذا السياق، وجهت النيابة العامة توجيهات، تعليمات لوكلاء الجمهورية المحلية بتسليط عقوبات مشددة ضد المتورطين في قضايا غلاء الأسعار والمضاربة في السوق الوطنية.

وطالبت المذكرة التوجيهية وكلاء الجمهورية المحلية بمعالجة هذه القضايا على مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وذلك لمواجهة “مس القدرة الشرائية للمواطن في ظل المجهودات المستمرة التي تقوم بها الدولة لتوفير المواد”، حسب ما نقلته جريدة “الشروق”.

وأكدت النيابة بأن الأفعال المذكورة، “تعتبر ضربا للاقتصاد الوطني، وإجراما منظما متعمدا يقتضي التصدي له بسلطان القانون وصرامته. مشيرة إلى أنها ستقدم التماسات بتسليط عقوبات مشددة ضد كل الأشخاص المتورطين.

ثلاث روايات متضاربة

الأستاذ المحاضر بكلية العلوم الاقتصادية بجامعة ابن خلدون بالجزائر، عبد الرحمان عية، يوضح بأن ثلاث روايات تثار في نقاش نقص السلع الغذائية؛ أولها رواية الحكومة التي تقول إن هناك مضاربة، تؤدي إلى استغلال بعض المضاربين للسلع وتخزينها في انتظار ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أن الحكومة تؤكد روايتها، من خلال عمليات مداهمة أمنية لهذه المخازن والقبض على المتورطين.

الرواية الثانية، يبرز الخبير الاقتصادي في تصريح للحرة، ترتبط بمزاعم تهريب السلع المدعمة عبر الحدود، وذلك على اعتبار أن أسعار هذه المواد لدى دول الجوار، مقارنة بأثمنتها بالجزائر.

غير أن “التحليل المنطقي” للنقص الحاصل راجع، حسب عبد الرحمان عية، إلى اعتماد الحكومة على سياسة ضبط الاستيراد، بسبب ارتفاع الأسعار في السوق الدولية جراء تداعيات الحرب وارتفاع تكاليف الطاقة، وذلك ضمن مساعيها (الحكومة) إلى خلق توازنات وفوائض تظهر كـ” مؤشرات إيجابية في أداء الاقتصاد الوطني”.

أمام هذا التضارب الحاصل في المعطيات حول خلفيات النقص الحاصل، يدعو المتحدث سلطات بلاده إلى إنشاء لجنة تقنية تفوض بمهام استقصاء الحقيقة، ويكون لها دور تقني، ثم ترفع تقرير يتضمن الخلاصات التي توصلت إليها إلى الحكومة للعمل على معالجة الوضع.
تداعيات رفع الدعم

منذ مطلع السنة الجارية يتوجس المواطنون من ارتفاع الأسعار، خصوصا بعد قرار برفع الدعم عن المواد الأساسية، اعتمدته الدولة في قانون المالية لعام 2022، وقد يفسر ما تتحدث عنه السلطان من أعمال المضاربة.

ومع الانتقال إلى نظام اقتصاد السوق، حل نظام دعم المواد الاستهلاكية محل نظام تسقيف الأسعار (تحديده ووضع سقف له) الموروث من الاقتصاد الاشتراكي المعتمد عندما نالت الدولة استقلالها في عام 1962.

وفي نوفمبر الماضي، حسب قناة الحرة، صادق مجلس النواب الجزائري، على قانون المالية لسنة 2022 الذي يحدد ميزانية الدولة، مع فتح الباب أمام رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية، ما أثار جدلا كبيرا حينها.

وفتحت المادة 187 الباب لرفع الدعم على المواد الاستهلاكية مثل الزيت والسكر والحليب والخبز، لكن رئيس الوزراء أيمن عبد الرحمن أكد حينها أن الحديث عن “رفع الدعم، يجب أن يكون محرما، فالدولة الجزائرية دولة اجتماعية”.

وأوضح “نفكر في فلسفة جديدة تسمح لنا بتوجيه هذا الدعم إلى أصحابه. وهذا الدعم سوف يكون نقدا ولن تدعم الدولة المواد، ولكن مداخيل الأسر بعد تحديد المستوى الذي يجب ابتداء منه دفع هذا الدعم النقدي”.

لكن ميزانية الدولة لسنة 2022، حسب نفس المصدر، حافظت على ما يعادل 17 مليار دولار من الإعانات الاجتماعية التي تشمل التعليم والصحة المجانيين والإسكان والمساعدات المباشرة للأسر الفقيرة، في تراجع صارخ عن مبلغ هذه الإعانات الذي كان يصل إلى ما بين 30 و40 مليار دولار سنويا خلال السنوات الممتدة بين 2012 و2017.

شاهد أيضاً

IMG 20230909 WA0008 310x165 - وزارة التجهيز تنجح في فتح جميع الطرق المقطوعة جراء الزلزال

وزارة التجهيز تنجح في فتح جميع الطرق المقطوعة جراء الزلزال

أكدت وزارة التجهيز والماء نجاحها في فتح جميع الطرق التي كانت مقطوعة جراء الزلزال المدمر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *