في رد على رسالة حزب التقدم والاشتراكية، قال التجمع الوطني للأحرار إن هذه الأخيرة تضمنت مغالطات وتأويلات سطحية مختصرة واستنتاجات أقل ما يقال عنها أنها غير مسؤولة وغير مدركة لمراميها وأبعادها وغير واعية بخطورتها.
وأضاف حزب أخنوش، أنه يرفض ويندد بالأسلوب والعبارات التي جاءت في هذه الرسالة من قبيل كلمات “اللامبالاة” و”اللامسوؤلية”، التي للأسف تحط من مستوى الخطاب السياسي، الذي يفترض أن يطبع الأحزاب السياسية الجادة وتنم عن سلوك بعيد كل البعد عما ينتظره المواطن المغربي، وما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الأحزاب فيما بينها كانت في الأغلبية أو المعارضة.
واستطرد الحزب قائلا: “حيث أنه من غير المفهوم، أن يقوم حزب باللجوء إلى هذه الطريقة الترافعية “البدعة”، في وقت يوفر فيه الدستور لجميع الأحزاب إمكانيات دستورية ومؤسساتية تجعله قادرا على المساهمة في وظائف المراقبة والتشريع وتقييم السياسات العمومية، من داخل المؤسسات الدستورية المعنية، مع العلم أن رئيس الحزب عبّر أكثر من مرة عن انفتاح الأغلبية والحكومية على جميع الأطياف السياسية معارضة كانت أم أغلبية، بل سبق واجتمع مع جميع أحزاب المعارضة. لكن من الواضح أن حزبكم الموقر لم يرد إثقال كاهله بعناء أداء واجبه السياسي، في إطار المؤسسات وضمن القنوات الدستورية التي تسمح بذلك، وفضّل إفراغ المعارضة المسؤولة من محتواها، والركوب على الأمواج المفتعلة، لتوجيه رسالة بحمولة انتخابية ونزوعات انتخابوية، بعيدة عن القواعد الدستورية والأعراف السياسية”.
وأضاف: “إذا كان حزبنا منفتحا على الخيار التشاركي كمنهج دستوري في صناعة السياسات العمومية، فَوَاهِمٌ من يعتقد أن التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة في شخص رئيسه المحترم، سيخضع لكل التحركات المشبوهة، التي تريد أن تملي عليه ما ينبغي فعله وما ينبغي عليه تجنبه، وأن يقبل الدروس ممن يتحمل جزءا من مسؤولية تدبير قطاعات حيوية في مجالات الماء والصحة والتشغيل والسكنى وسياسة المدينة”.
وذكر التجمع الوطني للأحرار بأن الشرعية الدستورية والسياسية للحكومة ليست منحة، بل اكتسبها الحزب بما أفرزته صناديق الاقتراع للثامن من شهر شتنبر 2021، وبما حازته الحكومة من أغلبية برلمانية منسجمة، بناء على مرجعية البرنامج الحكومي الذي يشكل أحد المصادر الرئيسية التي تحدد الأولويات والتعهدات والسياسات والقرارات العمومية.
وأكد أن الوفاء بالالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي يعتبر العقد الذي يربط الحكومة بالمواطنين المغاربة وسيكون وثيقة مرجعية لمساءلة الأغلبية عند نهاية ولايتها، من خلال صناديق الاقتراع. ولعل تلك الأوراش الكبرى، التي صرتم تعتبرونها ثانوية، رغم ادعائكم غير ما مرة بأنكم تحملون مشروع الدولة الاجتماعية في مرجعيتكم الفكرية، هي أولوية الحكومة الحالية وستعمل على تنفيذها من منطلق مسؤوليتها السياسية؛ فورش الحماية الاجتماعية والأوراش الإصلاحية للصحة والتعليم والاستثمار لخلق فرص الشغل هي أولويات المغاربة، وقد صوت علينا الناخبون بأغلبية ساحقة لأنهم مقتنعون ببرامجنا، ولا يمكن أن نخذلهم لإرضاء طرف سياسي له وجهة نظر مغايرة لتوجهات البرنامج الذي حظي بثقة المغاربة.
ويعتبر الحزب أنه إذا كان من المقبول مساءلة ومطالبة الحكومة بمزيد من القرارات الاجتماعية، إذا توافرت فعلا نية المساءلة الملتزمة، فإنه من الظلم البين أن يتنكر البعض لما قامت به الحكومة في سنة ونصف منذ تنصيبها، تماشيا مع توجيهات جلالة الملك وانتظارات المغاربة وتطلعات النموذج التنموي الجديد، لا سيما في مجال الأوراش الاجتماعية، رغم السياق الاستثنائي والصعب الذي تمر منه بلادنا، الذي لم يدفع الحكومة إلى التهرب من التزاماتها الدستورية والتعهدات الانتخابية لمكوناتها، بل على العكس، نجحت في الالتزام بها، بالموازاة مع تجاوبها المستمر مع ما تتطلبه الظرفية من إجراءات هادفة صفّق لنجاعتها المنتظم الدولي، ونجاحها في الحفاظ على دينامية الاستثمار والتركيز على خلق فرص الشغل، دون إغفال التوازنات الميزانياتية وضرورة التخفيض التدريجي للعجز المالي الذي هو الآخر، إرث تدبير الحكومات السابقة.
وأضاف الحزب أن الحكومة، التي يقود التجمع الوطني للأحرار أغلبيتها، لم تختبئ يوما وراء أي ذرائع، بل كانت واضحة وصريحة مع المغاربة، من منطلق إيمانها بأن الصدق والصراحة واجب أخلاقي. لذلك، حرصت باستمرار على توضيح طبيعة الظرفية الاقتصادية العالمية والوطنية والأسباب الكامنة وراء التقلبات الاقتصادية في السوق العالمية، لأن المواطن المغربي من حقه أن يطلع على كل المعطيات ومن واجبنا أن نتقاسمها معه. وبالتالي، وأنتم تعون تمام الوعي صعوبة الظرفية، فالحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات الجائحة وتأثيرات التغيرات المناخية ليست ذرائع للتنصل من المسؤولية بل هي واقع، تعيشه بلادنا كما العالم بأسره، خلّف آثارا عدة، هزت الاقتصادات العالمية، الكبرى منها والنامية على حد سواء، وتسببت في ارتفاع نسب التضخم في جل بقاع العالم. كل هذه القضايا كانت محل تواصل أسبوعي من طرف الحكومة، وكذا موضوع تواصل ونقاش داخل اللجن البرلمانية. لكن رسالتكم، التي تطرح هذه القضايا وكأنكم تكتشفونها لأول وهلة، تدفعنا للتساؤل: هل فعلا كنتم تتابعون مخرجات أشغال الحكومة ومواقفها داخل اللجان البرلمانية؟
واستطرد بلاغ الحزب: “لعل ما يحاول البعض تناسيه أو التعتيم عليه، هو كون هذه الحكومة أثبت، من خلال الإجراءات التي اتخذتها، أنها “اجتماعية” أكثر من غيرها، وأنها تجسد عن حق مرجعية الديمقراطية الاجتماعية التي يتخذها التجمع الوطني للأحرار مذهبا ومنهجية، حيث رصدت الحكومة ميزانيات ضخمة لدعم القدرة الشرائية، ودأبت على مأسسة الحوار الاجتماعي وتسوية ملفات اجتماعية ظلت عالقة لسنوات، كما رفعت من نسبة تضريب الشركات الكبرى، لتصل إلى 35% بالنسبة للشركات التي تحقق أرباحاً صافية تزيد عن 100 مليون درهم و40% بالنسبة للمؤسسات الائتمانية وشركات التأمين، في الوقت الذي خففت فيه من العبء الضريبي على العمال والمتقاعدين، وكذا المقاولات الصغرى والمتوسطة بالتوحيد التدريجي لمعدل الضريبة على الشركات في نسبة 20%.”
وأكد أن الحكومة لم تقف يوما عند حدود التوضيح والشرح، بل ما فتأت تعلن عن إجراءات وبرامج وتتخذ قرارات بناء على المعطيات المتوفرة. ولولا تدخل الحكومة، من خلال رصد 60 مليار درهم كاعتمادات استثنائية سنة 2022، لدعم المواد الأساسية، وثمن الكهرباء، وأسعار النقل، وسداد دين الضريبة على القيمة المضافة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، لبلغ معدل التضخم نسبة 11% في بلادنا، كما هو واقع الحال في الدول النامية، عوض نسبة 6,6% التي سجلها المغرب
سنة 2022.
كما أن الحكومة الحالية، عكس سابقاتها، ووفق البلاغ، تمكنت من مأسسة الحوار الاجتماعي الذي نجحت كل أطواره بفضل الثقة المتبادلة بين مختلف الأطراف، وحققنا للطبقة الشغيلة مكتسبات ظلت حبيسة رفوف الحكومات لسنوات. فقد تم التوافق لأول مرة على نظام أساسي موحد لنساء ورجال التعليم يستجيب لجملة من مطالب شغيلة التعليم، منها تحسين وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية وفقا لالتزامات البرنامج الحكومي وتفعيلا لمخرجات الحوار القطاعي مع الشركاء الاجتماعيين. كما تم التوافق مع أطر الصحة والأساتذة الجامعيين على اتفاقات تتيح الرفع من أجورهم لتحسين ظروفهم اشتغالهم. ووطنيا، تم الرفع بنسبة 10% من الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة (SMIG)، وبنسبة 15% في القطاع الفلاحي (SMAG) والرفع من المعاشات في القطاع الخاص بنسبة 5% وبأثر رجعي منذ 2020 والتخفيض من العبء الضريبي على الأجور ومعاشات التقاعد؛ وكلها تدابير تهدف أساسا إلى تحسين القدرة الشرائية للأسر المغربية.
وذكر حزب أخنوش ببعض المعطيات والأرقام الدالة، إذ أنه وفقا لإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط سجل معدل البطالة تراجعا، من نسبة 12,3% سنة 2021 إلى 11,8% سنة 2022. ورغم الظرفية الصعبة، مكنت الأنشطة غير الفلاحية من خلق 188 ألف منصب شغل صافٍ سنة 2022، وهو مستوى يقارب معدل 191 ألف منصب شغل صافٍ المسجل خلال الفترة 2015-2019. كما عكفت الحكومة، في انتظار تعافي الاقتصاد الوطني من آثار الأزمات المتتالية، إلى وضع برامج عمومية مبدعة ومبتكرة لتحسين قابلية التشغيل وتعزيز حظوظ الإدماج المهني وتشجيع المبادرة الفردية والحرة، كبرامج “أوراش ” و”فرصة”، التي ما فتئتم تنتقدونها، والتي حققت حصيلة إيجابية خلال السنة الأولى من تفعيلها وشهدت إقبالا كبيرا من طرف المواطنات والمواطنين.