بمجرد تحرُّك آلة الحرب الروسية لغزو عاصمة أوكرانيا كييف، أدرك المجتمع الدولي أن العالم يسير نحو غد مختلف ومجهول، فالحرب التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مُستهدِفا جارته الغربية ليست في حقيقتها -حسب رؤية خصوم روسيا- سوى عودة قسرية لتاريخ ظنَّت أوروبا أنها تجاوزته، ومحاولة جدية لتحقيق العهد الذي قطعه الرئيس الروسي على نفسه ذات يوم بإعادة أمجاد روسيا.
وأمام هذا المنعطف الجديد في القارة العجوز، تخشى الدول الأخرى التي تُجاور روسيا من مصير أوكرانيا، خاصة الجمهوريات السوفيتية السابقة التي تجد نفسها اليوم أمام خيارين صعبين؛ فإما أن تكون روسية مُخلصة للكرملين، وإما أوروبية مُنحازة للغرب، مُتخلِّية بذلك عن سياسة الحياد القائمة منذ عقود.
أما الوضع في أقصى الغرب فليس أقل اشتعالا مما يحدث في مدن الحرب المُحترِقة، فالحلفاء الغربيون فشلوا جميعا في فرض حظر طيران فوق سماء أوكرانيا، واستعاضوا بأشد حزمة عقوبات اقتصادية على الإطلاق، وبينما يُقلِّل الروس من جدوى العقوبات، مُذكِّرين العالم بإيران وكوريا الشمالية، يمضي بوتين في طريقه مُحتميا من خطر العقوبات بتحالفه الوثيق مع الصين أولا، والأهم بعلمه أن الطاقة الروسية، وإن كانت منبوذة، فإنها تظل سلاحا فتاكا قد يضرب استقرار القارة العجوز برُمَّتها، فحتى الآن يفشل الأوروبيون وخاصة الألمان في التحرر من إدمان الغاز الروسي، وفيما يبدو، لا أحد قادر في المدى المنظور على تقديم حل عاجل، أو طرح نفسه بديلا قادرا على تعويض روسيا التي توفر نحو 40% من الحاجيات الغازية لأوروبا، ما يعني أنَّ منازل القارة ستظل مُهدَّدة في مواجهة برودة الشتاء، فيما تواجه مصانعها خطر الإغلاق بسبب سلاح الطاقة الفتاك.
الغاز الروسي.. سيف ذو حدين
منذ عام 2014، أصبحت العقوبات الغربية والاقتصاد الروسي رفيقين حميمين بعدما ضمَّت روسيا إليها شبه جزيرة القرم، فارِضة بذلك تسوية جغرافية جديدة غير تلك التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الأوروبيون عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، لكنَّ هذه العقوبات -وعلى شدتها- لم يكن لها ذلك التأثير المُوجِع الذي سعت له واشنطن، فموسكو ليست طهران مهما تكالبت عليها العقوبات، ورغم أن اقتصادها يُماثل بالكاد نصف حجم اقتصاد إيطاليا، فإنها قادرة بجدارة على خلق فوضى عالمية في أسعار النفط إلى جانب الحبوب والمواد الخام، كونها المُصدِّر الرئيس لتلك المواد، والأهم من ذلك كله قدرتها الهائلة في مجال الغاز، إذ تستطيع توفير أكثر من 300 مليار متر مكعب منه سنويا، ما يجعلها محطة وقود عملاقة بامتياز.
يُفسِّر جاسون فورمان، مستشار الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، عدم نجاح العقوبات الغربية في تركيع الاقتصاد الروسي بعدم لعب هذا الأخير أدوارا كبرى في الاقتصاد العالمي باستثناء الغاز والنفط، أما الجانب الخفي لهذه الأسباب الذي لم يتطرَّق إليه فورمان في كلامه فتكشفه الأرقام الرسمية التي تؤكد الاعتماد الضخم للدول الأوروبية على الغاز والنفط الروسي، وهو ما قلب المعادلة رأسا على عقب، وغيَّر معها سياق التأثير، فبينما لا يمكن لأوروبا والولايات المتحدة فرض عقوبات على الطاقة الروسية بسبب الخوف على السوق العالمي، يمكن لبوتين من جهة أخرى أن يفرض حظرا جزئيا على توريد موارد بلاده الطاقوية، مُثيرا الفوضى والذعر لدى جيرانه الأوروبيين، ومُستفيدا في الوقت نفسه من الارتفاع الجنوني للأسعار.
ظهرت هذه المخاطر بوضوح مع بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، إذ قفزت أسعار النفط إلى مستويات قياسية، ملامسة حاجز 140 دولارا للبرميل (قبل أن تتراجع لاحقا حول مستوى 100 دولار لحظة كتابة هذا التقرير)، كما وصلت أسعار الغاز إلى مستوى تاريخي بـ 3300 دولار لكل 1000 متر مكعب بسبب مخاوف تعطل الإمداد، ومع تمدد أيام الحرب، يخشى العالم من ثورة مُدمِّرة أخرى في الأسعار، حال قرَّرت أوروبا حظر صادرات الطاقة الروسية، أو قرَّرت موسكو بنفسها اتخاذ هذه الخطوة في اندفاع غير مسبوق، خوفا من انهيار اقتصادها تحت وطأة العقوبات، وهو ما سوف يقود في النهاية إلى ارتفاع جنوني في الأسعار يؤثر على اقتصادات العديد من الدول ويدفعها ربما إلى الانهيار.
رغم ذلك، تبدو روسيا اليوم أقل قلقا من أوروبا فيما يتعلَّق بمَن سيبدأ فرض الحظر في مجال الطاقة أولا، خاصة أنها خلال العام الماضي تعمَّدت خفض إمدادات الغاز لأوروبا، وخلقت بذلك أزمة طاقة بالدول الأوروبية خلال برد الشتاء القارس، بهدف الضغط على مفوضية الطاقة الأوروبية في بروكسل، لتسريع الحصول على ترخيص مشروع “نورد ستريم 2” الذي يمد ألمانيا بنحو 55 مليار متر مكعب سنويا من الغاز المُسال، كما لعبت موسكو بالورقة نفسها قبيل غزوها لأوكرانيا لشق صفوف الأوروبيين المحتاجين إلى الطاقة وتقسيمهم إلى فريقين، فريق داعم لأوكرانيا، وثانٍ مُتخوِّف من فاتورة هذا الدعم على احتياجاته الطاقية.رغم ذلك، تبدو روسيا اليوم أقل قلقا من أوروبا فيما يتعلَّق بمَن سيبدأ فرض الحظر في مجال الطاقة أولا، خاصة أنها خلال العام الماضي تعمَّدت خفض إمدادات الغاز لأوروبا، وخلقت بذلك أزمة طاقة بالدول الأوروبية خلال برد الشتاء القارس، بهدف الضغط على مفوضية الطاقة الأوروبية في بروكسل، لتسريع الحصول على ترخيص مشروع “نورد ستريم 2” الذي يمد ألمانيا بنحو 55 مليار متر مكعب سنويا من الغاز المُسال، كما لعبت موسكو بالورقة نفسها قبيل غزوها لأوكرانيا لشق صفوف الأوروبيين المحتاجين إلى الطاقة وتقسيمهم إلى فريقين، فريق داعم لأوكرانيا، وثانٍ مُتخوِّف من فاتورة هذا الدعم على احتياجاته الطاقية.
ورغم ذلك، تبدو روسيا اليوم أقل قلقا من أوروبا فيما يتعلَّق بمَن سيبدأ فرض الحظر في مجال الطاقة أولا، خاصة أنها خلال العام الماضي تعمَّدت خفض إمدادات الغاز لأوروبا، وخلقت بذلك أزمة طاقة بالدول الأوروبية خلال برد الشتاء القارس، بهدف الضغط على مفوضية الطاقة الأوروبية في بروكسل، لتسريع الحصول على ترخيص مشروع “نورد ستريم 2” الذي يمد ألمانيا بنحو 55 مليار متر مكعب سنويا من الغاز المُسال، كما لعبت موسكو بالورقة نفسها قبيل غزوها لأوكرانيا لشق صفوف الأوروبيين المحتاجين إلى الطاقة وتقسيمهم إلى فريقين، فريق داعمرغم ذلك، تبدو روسيا اليوم أقل قلقا من أوروبا فيما يتعلَّق بمَن سيبدأ فرض الحظر في مجال الطاقة أولا، خاصة أنها خلال العام الماضي تعمَّدت خفض إمدادات الغاز لأوروبا، وخلقت بذلك أزمة طاقة بالدول الأوروبية خلال برد الشتاء القارس، بهدف الضغط على مفوضية الطاقة الأوروبية في بروكسل، لتسريع الحصول على ترخيص مشروع “نورد ستريم 2” الذي يمد ألمانيا بنحو 55 مليار متر مكعب سنويا من الغاز المُسال، كما لعبت موسكو بالورقة نفسها قبيل غزوها لأوكرانيا لشق صفوف الأوروبيين المحتاجين إلى الطاقة وتقسيمهم إلى فريقين، فريق داعم لأوكرانيا، وثانٍ مُتخوِّف من فاتورة هذا الدعم على احتياجاته الطاقية.رغم ذلك، تبدو روسيا اليوم أقل قلقا من أوروبا فيما يتعلَّق بمَن سيبدأ فرض الحظر في مجال الطاقة أولا، خاصة أنها خلال العام الماضي تعمَّدت خفض إمدادات الغاز لأوروبا، وخلقت بذلك أزمة طاقة بالدول الأوروبية خلال برد الشتاء القارس، بهدف الضغط على مفوضية الطاقة الأوروبية في بروكسل، لتسريع الحصول على ترخيص مشروع “نورد ستريم 2” الذي يمد ألمانيا بنحو 55 مليار متر مكعب سنويا من الغاز المُسال، كما لعبت موسكو بالورقة نفسها قبيل غزوها لأوكرانيا لشق صفوف الأوروبيين المحتاجين إلى الطاقة وتقسيمهم إلى فريقين، فريق داعم لأوكرانيا، وثانٍ مُتخوِّف من فاتورة هذا الدعم على احتياجاته الطاقية. لأوكرانيا، وثانٍ مُتخوِّف من فاتورة هذا الدعم على احتياجاته الطاقية.
يستذكر أنصار الفريق الثاني ذلك المشهد المُصغَّر الصعب الذي شهدته أوروبا عام 2009. في ذلك العام، تجمَّدت أوروبا من البرد، وسقطت عدة دول فيها تحت طائلة الديون، إثر اتهام موسكو لكييف بسرقة الغاز المخصَّص لأوروبا الذي يمر عبر أراضيها، لتدفع هذه الأزمة روسيا إلى اتخاذ خطوات عقابية شملت قطع الغاز عن أوكرانيا وعن كل الزبائن الأوروبيين من خلفها.
دفع هذا الدرس القارة العجوز إلى البحث جديا عن بديل للطاقة الروسية، لكن رحلة البحث هذه انتهت بالفشل بعد أن عجز البدلاء الجُدد عن الوفاء بوعودهم، فالنرويج، وهي ثاني أكبر مورد للغاز لأوروبا بعد روسيا، تتجه حقولها إلى النضوب، أما هولندا، فقد اتجهت مضطرة لتخفيض إنتاجها إلى أقل من النصف بنحو 21.6 مليار متر مكعب، للحد من مخاطر الزلازل التي سبَّبها سحب الغاز من باطن الأرض، لتزيد روسيا بذلك من سطوتها على سوق الطاقة الأوروبي.