maroc manifestation drapeau 738800 640x330 - رهان تجديد النخب..إلى إشعار آخر!!

رهان تجديد النخب..إلى إشعار آخر!!

من الواضح أن رهان تجديد النخب الحزبية والبرلمانية والمحلية فشل فشلا ذريعا. ما حدث ويحدث هذه الأيام على مستوى منح التزكيات للمرشحين للانتخابات المرتقبة في شتنبر المقبل، يؤكد بالملموس أن دار لقمان ستبقى على حالها، وأن النخب ذاتها التي عمرت لسنوات بل ولعقود في مختلف المؤسسات المنتخبة مركزيا ومحليا، ستعود من جديد إليها مظفرة ومكرمة. فالحصول على تزكية حزبية للتنافس الانتخابي لا يزال من العمليات التي تحكمها الثقافة السياسية التلقيدية، حيث الأولوية للأعيان وممولي الحملات الانتخابية والقادرين على التكفل بترشيحاتهم، والمؤهلين أولا وقبل كل شيء لانتزاع المقعد البرلماني أو الجماعي، حتى ولو بعيدا أو بتعارض مع “أفكار الحزب وبرامجه”.

بعبارة أخرى لا يزال هامش السياسة الفعلية ضيقا، بل ويتراجع لحساب متغيرات وعناصر تحكم أخرى، اقتصادية وجهوية وطبقية بالأساس. لا أدل على ذلك نهاية حكاية التشبيب في صمت تام بسرعة ودون أن تثير أي مشكلة، بعد استفادة جيل محظوظ من اللائحة الوطنية لولايتين. ولعل أكبر دليل على ذلك هو الإعلان الرسمي للأحزاب السياسية وعلى لسان قياديها صراحة بالاعتماد على الأعيان كقوة انتخابية. هذا مثلا ما سبق أن عبر عنه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في خرجات إعلامية مختلفة، وهو يعتبر أن “الأعيان جريمة مصطنعة” وأن ليس من حق أحد أن يمنعهم من الترشيح، ثم يعلن صراحة في لقاء تلفزيوني أن حزبه سيعتمد عليهم بقوة خلال الانتخابات المقبلة.

لا أحد يختلف مع أن الأعيان جزء من تاريخ وديمغرافية الانتخابات في المغرب. ما يهمنا هنا ليس هو انتقاد الأعيان، وإنما التأكيد على أن لا شيء إذن سيتغير. استمرار الأعيان بالكثافة والانتشار والقوة ذاتها، يعني أن الانتخابات المقبلة ستعرف مشاركة الوجوه ذاتها، وأن البرلمان والمجالس المحلية ستستقطب هذه الوجوه مرة أخرى. من حق أي حزب أن يرشح الأعيان ويعتمد عليهم، لكن ليس من حقه بتاتا أن يرفع شعارات تجديد النخب وتطوير العمل السياسي والبرلماني، وتجويد الديمقراطية المحلية. ببساطة لأن تحقيق هذه الأهداف أو الشعارات لا يمكن أن يتحقق على يد من فشلوا في تحقيقها في ولايات سابقة. ما الذي يمكن أن يضيفه برلماني مُعمّر مثلا للعمل التشريعي وهو الذي كان شاهدا على مختلف حقب الفشل والفراغ والانتظارية التي عاشتها المؤسسة التشريعية؟

هذا الواقع يدفعنا إلى طرح سؤال مهم: لماذا نحرص رسميين وحزبيين وإعلاميين على طرح رهانات وتحديات نعرف جميعا أننا لسنا قادرين على رفعها؟ من المفيد للجميع إذن أن نفتح عهدا من المصارحة السياسية التي تبدأ أولا بالاعتراف بمكامن الضعف وأسباب الفشل. لماذا فشل المغرب بمؤسساته وأحزابه ومجتمع المدني ودولته في تجديد النخب وتصعيد جيل جديد من الكفاءات القادرة على إحداث التغيير المنشود؟ هذا السؤال لا يمكن أن نطرحه ولا أن نجيب عليه، إلا إذا كنا مقرّين أولا بأن هناك مشكلة وأزمة اقتصادية واجتماعية تهدد مسيرة البلاد. إذا كنا منغمسين ومنتشين بخطابات “العام الزين” والمشاريع المفتوحة والانتصارات التي تحقق هنا وهناك، فلن نطرح هذا السؤال أصلا ولن نسعى بالتالي للإجابة عليه.

من السذاجة إذن الاعتقاد بأننا نعيش وفقا لإرادات متناغمة ومنسجمة. نحن ندرك أن هناك تجاذبا ظاهرا أو خفيا أحيانا بين إرادات لها مصالح متناقضة، وأن الفاعل السياسي الرئيسي يبحث تحت إكراه التدبير عن تلك التوازنات الدقيقة التي تحافظ على المصلحة الوطنية العامة. لكن البحث عن هذه التوازنات الصعبة قد يعطل أحيانا الكثير من هذه الرهانات المرفوعة كشعارات منذ زمن طويل. ولا يزال رهان تجديد النخب واحدا من هذه الشعارات التي تدفع ثمن التوازنات الدقيقة الضرورية، بعد أن تم تأجيله إلى إشعار آخر.

شاهد أيضاً

roimohammedviportrait11 1 310x165 - تعيينات ملكية.. امزازي واليا على سوس وسيطايل سفيرة في فرنسا

تعيينات ملكية.. امزازي واليا على سوس وسيطايل سفيرة في فرنسا

عين الملك محمد السادس، اليوم الخميس، في المجلس الوزاري، الذي ترأسه بالرباط، مسؤولين جددا في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *